Ads 468x60px

ما رايك فى المكتبة

Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 أبريل 2015

مقالات دينية

نور القرآن_القسم الثالث

8 آوریل 2015
التصنيف: مقالات دينية
عدد التعليقات: ٠

نور القرآن_القسم الثالث
القرآن كتاب تقوى ومعقل منيع: القرآن كتاب تقوى يدعو الناس إلى تقوى الله تعالى ويرسم لهم معالم التقوى وحدود الله، ويحفظهم ضمن الحدود من الشيطان وجنده من الأهواء والفجور ومن مغريات الحياة الدنيا. ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: «ثم أنزل عليه الكتاب معقلاً منيعاً ذروته وعزا لمن تولاه» نهج البلاغة، الخطبة 198.
فالقرآن يشكل معقلا منيعاً وحصناً ومعاذاً في حياة الإنسان يحميه ويحفظه ويحصنه من الشيطان والأهواء.
القرآن بصائر ووعي: قال تعالى ﴿هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ﴾ آل عمران: 136.
قال تعالى: ﴿هَذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ الأعراف: 203.
أن القرآن يزود الإنسان بالمعرفة والفقه والبصيرة ويهدي الإنسان إلى رشده ويحفظه من الغي. إن معرفة الله تصحح لنا وترسم لنا كيف نتعامل مع الله من منطلق الثقة واليقين والخوف والرجاء. والتعامل مع الله يقوم على قاعدة المرزفة الصحيحة وعلى البصيرة. إن المعرفة الصحيحة تمكن الإنسان من التعامل الصحيح والسلوك الصحيح والعلاقة الصحيحة. والقرآن الكريم دقيق في طرح هذه المسألة ﴿وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ﴾ الأنعام: 122.
إن المعرفة والبصيرة هي النور الذي يمشي به الإنسان في الناس. ويتعامل به مع الناس. والقرآن يعطي الإنسان هذه المعرفة والبصيرة التي تمكن صابحها من التشخيص الدقيق والسلوك الصحيح. عن ابي عبد الله عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم «فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ودليل المعرفة» الكافي: 2/238.
وليس في الدنيا شيء أفضل للإنسان من المعرفة. ولم يجعل الله تعالى للإنسان مصدراً للمعرفة أغنى وأصفى وأنقى من القرآن. ومن أتاه الله تعالى فقه القرآن فليس في الدنيا كلها احد أغنى منه.
إطفاء النور:
ورد في الحديث عن الإمام الكاظم عليه السلام: «وأطفأة نور عبرته بشهوات نفسه» البحار ج1/صفحة 136.
قال تعالى ﴿فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً﴾. البقرة: 10.
إن القلب إذا ضعف في التلقي من لدن الله تعالى ضعف عن إمداد صاحبه بالنور والوعي والقوة والعزم بصورة طبيعية.والقلب المريض يستجيب لغير الله ويكون لغير الله حظ ونصيب في حبه وبغضه وإقباله وإعراضه واستجابته وصدوده.
إن بعض الذنوب لا تنحصر آثارها في العقوبة البرزخية أو الأخروية، وإنما تسلب النور من العبد. ومن المعلوم أن ذهاب النور يلازم حلول الظلمة. التي تجعل العبد لا يهتدي إلى سبيل الحياة ومن هنا تأكد الدعاء بطلب ذلك النور الذي يمشي به العبد في النشاتين. إذ طالما تتعثر مسيرة العبد نتيجة خطاه فيتميز الصالح من الأفعال وخاصة في الموضوعات المبهمة التي لم يرد فيها أمر ولا نهي بالخصوص. فهو وإن لم يكن مسؤولاً عن الخطا في تشخيص الموضوع. إلا إن ذلك مستلزم لتفويت منافع كثيرة كان من الممكن أن يحوز عليها. لو كان ماشيا على بصيرة من ربه.
(اللهم واحي بوليك القرآن، وأرنا نوره سرمداً لا ليل فيه).
قال الإمام علي عليه السلام: «كل دعاء محجوب حتى يصلّي على النبي صلى الله عليه واله وسلم».

نور القرآن_القسم الثاني

7 آوریل 2015
التصنيف: مقالات دينية
عدد التعليقات: ٠

نور القرآن_القسم الثاني
تلخيص درس الشيخ عبد الجليل الزاكي
حوزة الزهراء البتول سلام الله عليها 
القرآن أداة لشرح الصدور: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول إذا ختم القرآن: «اللهم اشرح بالقرآن صدري.واستعمل بالقرآن بدني. ونور بالقرآن بصري، وأطلق باقرآن لساني. وأعني عليه ما أبقيتني». بحار الأنوار: 92/209.
القرآن في كلام الإمام هنا ليس فقط الغذاء والنور الذي يعمر به صدور عباده. وإنما هو أداة لشرح الصدور أيضاً، فلكي تحل معاني القرآن ومفاهميه الربانية في صدور الناس لابد من أن تتسع له الصدور وتستوعبه. فإذا كانت الصدور ضيقة حرجة فلا تستوعب من مفاهيم كتاب الله الا النزر القليل. فلابد من أن تتسع أواني الصدور لما ينزل عليه من رحمة الله. وهو دعاء العبد الصالح كليم الله موسى بن عمران عليه السلام حيث دعا الله تعالى: ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ طه:  25، 26، 27، 28.
فيدعوا الله تعالى أولاً أن يشرح صدره ليتلقى من نور الله وهديه ثم يحلل عقدة من لسانه لتجري عليه الحكمة وليفقهوا قوله ولينفذ كلامه إلى نفوس الناس. ومن دون القرآن لا نور للأبصار ولا هدى في الصدور.
بالقرآن تخصب القلوب: إن القلوب إذا استنارت بالقرآن وأخذت هداها من مائدة القرآن أخصبت وأثمرت كما تخصب الأرض وتثمر في الربيع. وكما تعطي الأرض ثماراً مباركة طيبة كذلك القلوب عندما تاخذ من مائدة القرآن تعطي ثماراً طيبة مباركة في الحياة. هذه الثمار هي اليقين والإخلاص وحب الله والبراءة من أعداء الله. والحب في الله والبغض في الله ومخافة الله والتواضع بين يدي الله وذكر الله وما يتصل بهذه الثمرات من ثمرات القلوب. ويقول امير المؤمنين عليه السلام في صفة القرآن: (جعله الله رياً لعطش العلماء وربيعاً لقلوب الفقهاء) نهج البلاغة: الخطبة 176.
وهذه صفة يختص بها القرآن إنه يحوّل القلوب القاحلة إلى قلوب مخصبة. فمن وجد في قلبه جذباً فعليه بالقرآن، فإنه يمنح القلوب رياً وينعشها.
وأن القلوب إذا أخبصت تحولت إلى جنة خصبة كثيرة البركات. واذا أجدبت كانت ارضاً قاحلة لا تعطي غير الشوك.

نور القرآن_القسم الأول

6 آوریل 2015
التصنيف: مقالات دينية
عدد التعليقات: ٠

نور القرآن_القسم الأول
تلخيص درس الشيخ عبد الجليل الزاكي
حوزة الزهراء البتول سلام الله عليها 

يطلب العبد من ربه في دعاء (زمان الغيبة) أن يريه الحق نور القرآن سرمداَ. إذ لا شك أن للقرآن نوراً يهدي الله به من يشاء من عباده وهو نور محجوب عمن لم يرد الحق أن يهديه، لخلل في العبد نفسه والدليل في ذلك هو انفكاك هذا النور في حالات كثيرة عمن حفظ القرآن بالفاظه. بل وعى كثيراً من معانيه. بل فسر كثيراً من لطائفه كتفاسير المنحرفين عن منهج أهل البيت عليهم السلام.
والشاهد على انفكاك ذلك النور أمران:
الأولهو بقاؤهم في الظلمات المستلزم للحجب عن كثير من المعارف الواضحة.
الثاني: هو التعمد في المخالفة العملية لصريح القرآن الكريم. الذي حفظوا رسومه بل فسروا كثيراً من معانيه.
ومن خصائص هذا النور إنارة الطريق بوضوح مما يهيئ للسير الحثيث في سبيل طاعة الحق. ومن هنا كلما زادت تلاوته له كلما زادته إيماناً راسخاً في القلب، لا علماً مجرداً في الذهن.
القرآن نور وبرهان: إن القرآن هو صراط العزيز الحميد وهذا الصراط يخرج الله تعالى به الناس من الظلمات فهو نور وبرهان في حياة الناس بمعنى أنه لا يحتاج إلى نور وبرهان كي يهتدي إليه الناس إن الناس إذا حكّموا فطرتهم في الاختيار والاهتداء لم يسلكوا غير هذا الصراط. واذا فتحوا قلوبهم وصدورهم على كتاب الله لم يترددوا في سلوك هذا الطريق. فإنما يرسمه هذا الصراط للناس هو ما ترسمه الفطرة وما يعطيه هذا الصراط هو ما يحتاجه الإنسان. فالقرآن نور لا ظلمة فيه. وبرهان لا ريب فيه ولا نحتاج معه إلى نور أو برهان يهدي إليه قال تعالى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ البقرة: 2.

شرح دعاء الصباح 12- القسم الأول

4 آوریل 2015
التصنيف: مقالات دينية
عدد التعليقات: ٠

شرح دعاء الصباح 12- القسم الأول

﴿وَعَلِمَ بِمَا كانَ قَبلَ أن يَكُونَ﴾

ليس المقصود التّخصيص بما كان في الماضي، بل المعنى: هو تعالى عالم بالكائن قبل كونه؛ سواء كان «ما كان»، أو «ما يكون في الحال»، أو «في الاستقبال»؛ لأنّ الأفعال المنسوبة إليه جلّ شأنه منسلخة من الزّمان، بل المقصود بالكون ما يرادف الوجود؛ ليشمل المبدعات والمخترعات والمكونات، كما في الدّعاء: «يا كائِنُ، يا مُكَوِّنُ، يا كينون، يا كَينانُ»([1])، لا الكون المقابل للإبداع والاختراع في بعض الاصطلاحات حيث يقال: عالم الكون، وعالم الكيان، ويراد عالم الطبيعة فحسب، أو الماضوّيّةُ باعتبار الكينونة في العلم قبل أن يكون.
وفي هذه الفقرة الشّريفة دلالة على مطلبين:
أحدهما: أنّه تعالى عالم بجميع ما سواه لعموم الموصول.
وثانيهما: أنّ علمه بها سابق على وجودها.
أمَّا المَطَلب الأوَّلُ، فالبرهان الدّال عليه، المعتبر عند المحقّقين من الحكماء والمتكلّمين أنّ ذاته علّة لجميع ما سواه([2])، وذاته عالم بذاته، والعلم بالعلّة مُستلزم للعلم بالمعلول:
أمّا أنّ ذاته علّة لجميع ما سواه، فلأنّ العلّة المؤثّرة المُستقلّة يجب أن يسدّ جميع أنحاء عدم المعلول، ولا يتأتّى ذلك بالعلل الإمكانيّة؛ لأنّ من جملة أنحاء عدمِ معلولها انعدامُه بانعدامها، ولا يمكنها سدّ انعدام نفسها، فجميع الممكنات ـ ولو كانت غير متناهية ـ في حكم ممكن واحد في جواز طريان العدم عليها. فالسّد المذكور لا يتمشّى إلّا من العلّة الوجوبيّة؛ فواجب الوجود بالّذات مبدأ سلسلة الممكنات، وسادّ خلّة المحتاجات.
وأمّا انّ ذاته عالم بذاته؛ فلأنّه مجرّد، وثبت في مقامه أنّ كلّ مجرّد عالم بذاته، كما أنّ كلّ عاقل مجرّد. وأيضاً هو معطي وجود العالمين بذواتهم([3]) كالنّفوس والعقول، ومعطي الكمال أحقّ به.
وأمّا أنّ العلم بالعلّة مُستلزم للعلم بالمعلول؛ فلأنّ المراد من العلم بالعلّة العلم بحيثيّة وجهة بها تكون العلّة علّةً، كالعلم بالصّور النّوعيّة النّاريّة، فإنّ النّار علّة للسّخونة بتلك القوّة المسخّنة لا بصورته الجسميّة أو بمادّته. وتلك الحيثيّة قد تكون ضميمة زائدة كما ذكر، وقد تكون عينَ ذات العلّة كما إذا فرضت تلك القوّة قائمة بذاتها لا بمادّة. وفي واجب الوجود عين ذاته([4]) بلا فرض؛ إذ لا صفة فيه إلّا صريح ذاته. فكما أنّ وجود حيثيّة العلّية في الخارج لا يتخلّف عنه وجود المعلول، كذلك وجدانُها العلمي حضوراً أو حصولاً وإلّا فلا علّيّة ولا معلوليّة، هذا خلف؛ فثبت أنّه تعالى كما أنّه عالم بذاته، عالم بما عدا ذاته ـ كليّاته وجزئيّاته، مجرّداته ومادّياته ـ لأنّ الكلّ معلولاته.
ثمّ لمّا كان علّوه تعالى ومجده بذاته، كان العلم الّذي هو كمال ذاته علمه بذاته تفصيلاً، وهو بعينه علمه بما عدا ذاته إجمالاً([5]). وإلى هنا اتّفق المشّاؤون والإشراقيّون، وبعد ذلك اختلفوا؛ فقال المشاؤون: علمه التفّصيلي بما سواه حُصوليّ، أي صُورٌ قائمة بذاته تعالى. وقال الإشراقيّون: حُضوريّ، أي وجودها علمه بها. والحقّ هو الثّاني.
__________________________________________
([1]) شرح الأسماء الحسنى 2: 25.
([2]) قد أُشير إلى هذا البرهان في الكتاب الحكيم الإلهيّ بقوله تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾. فقوله تعالى: ﴿مَنْ خَلَقَ﴾ دلّ على أنّه علّة لما سواه. وقوله: ﴿وَهُوَ اللَّطِيفُ﴾ فيه إشارة إلى أنّه مجرّد عن المادّة مطلقاً وعن الماهيّة. وفي ﴿الْخَبِيرُ﴾ دلالة على أنّه عالم بذاته؛ لأنّه مجرد، وكلّ مجرّد عالم بذاته، وقد علم أوّلاً أنّ ذاته علّة لما سواه، والعلم بالعلّة مستلزم للعلم بالمعلول، كما تقرّر؛ فثبت أنّة عالم بالأشياء جميعاً. منه.
([3]) ومعطي علمهم بذواتهم، وإنّما اكتفينا بمعطي الوجود؛ لأنّ علمهم بذواتهم عين وجود ذواتهم. وقد قال الرّضا(عليه آلاف التحيّة والثّنا): «قد علم أُولو الألباب أنّ ما هنالك لا يعلم إلاّ بما هاهنا». مثل أن نعلم أنّ هاهنا علماً بسيطاً كالعقل البسيط، وأنّ هاهنا علماً فعليّاً ونحو ذلك فأثبتناها للمبدأ، فكذا العلم الحضوري للمجرّد بذاته. منه.
([4]) وتلك الحيثيّة قد يعبّر عنها بالخصوصيّة فيه تعالى حقائق أسمائه، أو النّحو الأعلى فيه من كلّ وجود، أو الوجود المنبسط الذي هو كلمة «كُن»:
وكلّ إلى ذلك الجمال يشيرُ
ومعلوم أنّ العلم بحقائق الأسماء مستلزم للعلم بمظاهرها، وكذا العلم بالنّحو الأعلى؛ لأنّ شيئية الشيء بتمامه. ومثله الكلام في الكلمة؛ لأنّ كلمتّه فعله وإيجاده، وإيجاده الحقيقيّ ذلك الوجود المنبسط والعلم به مستلزم للعلم بكلّ ما هي مشمولاته. منه.
([5]) إنّما كان إجمالاً؛ لأنّ الشيء الواحد الأحد لا يمكن أن يحكي عن الكثير عندهم، فصورة الشّمس لا يمكن أن يحكي إلّا عن الشّمس، لا عن القمر والحجر والمدر وغيرها. وعندنا: ليس كذلك، بل علم إجمالي بما عداه، في عين الكشف التفصيلي؛ لأنّ وحدة ذلك الوجود الواجب وحدة حقّة حقيقيّة لا عدديّة، وهو بوحدته يوازي الكلّ بكثرتها، فلا يشذّ عنه وجود، ولا يعزب عنه ماهيّة؛ لأنّ الماهيّة لوازم أسمائه غير متأخرة في الوجود، والنّور حيثيةٌ ذاتُهُ الظّهورُ والإظهارُ. وكلّما كان النّور أشدّ وأجمع، كان الظّهور والإظهار أتمّ، فكان التفصيل أتمّ وأظهر. منه.

شرح دعاء الصباح 11- القسم الثاني

30 مارس 2015
التصنيف: مقالات دينية
عدد التعليقات: ٠

شرح دعاء الصباح 11- القسم الثاني

 (11) ﴿وَبَعُدَ عَن مُلاحَظَةِ العُيُونِ﴾

وبوجه آخر أقول: لطلّاب الحق ـ جلّ شأنه ـ مراتب:
فَمِنهُم مَن يراه بأن يشاهد الكلّ مظاهر أسمائه، ومجالي صفاته، وهذا مقامه، ولكن يطلب أن يراه بأن يشاهد أسمائه وصفاته، ويستهلك في نظر شهوده المظاهر، فيرى الحيوانَ مظهر المُدرك السّميع البصير، والمَلَك مَجلى السُبّوح القُدّوس، والإنسانَ مظهر اسم الجلالة، وهكذا. ولكن يطلب مقاماً أشمخ وأعلى منه وهو أن يرى المدرك السّميع البصير السُبّوح القدّوس من غير أن يرى الحيوانَ والمَلَكَ، أو يرى الله جلّ جلاله من غير أن يرى الإنسان، وهكذا.
وَمِنهُم من هو في المقام الثاني ـ أعني يرى السّميعَ البصير لا الحيوانَ، والسُبّوحَ القُدّوسَ لا الملَك، والله تعالى لا الإنسانَ الكامل ـ ولكن يطلب مقاماً أشمخ منه وهو أن يرى المسمّى والموصوف، لا الأسماء والصّفات؛ لأنّ «كمال الإخلاص نفي الصّفات» كما هو المأثور عن صاحب هذا الدّعاء، فيقال له: لن تراني؛ إذ لا يرى ذاتَه كما هو هو إلّا هو، ويتلاشى عند نارِ هذا التجلّي كلّ ما هو سوى ذاته، فلا يبقي ملكٌ مقرّب، ولا نبيٌّ مرسل، ولا أُولو العزم ولا آدم ولا خاتم، ويقال: إنّ في التّورية أنّه لا يراني ابن آدم([12]) وهو حيّ، أي بحياته الإمكانيّة وبإنّيته المحدودة. وقريبٌ من هذا ما ورد أنّه: «لا يقوم القيامة وعلى وجه الأرض من يقول: الله الله».
وتخصيص الأشاعرة الرؤيةَ بالآخرة باعتبار أنّ الكامل([13]) بما هو مشاهد للأمور الباطنة اُخرويٌّ، وإن كان ببدنه بعد في الدّنيا؛ أو باعتبار أنّ أعذب أنحاء الشهود وأحلاها وأخلصها عن الشوائب، وأصفاها وأمثلها وأسناها يتيسّر في الآخرة، كما قال تعالى: ﴿فَكَشَفنا عَنكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ اليَومَ حَديدُ([14])، وكما قال النّاطق([15]) ـ بكلمة: «لم أعبدْ رَبَّاً لَم أرَه»([16])، والمُبدي بمخزونه: «لَو كُشِفَ الغِطاءُ ما ازددت يَقيناً»([17]) ـ عند الشهادة: «فُزتُ برب الكَعبَةِ»([18]).
وأمّا الرّؤية البصريّة، فلا ينبغي للعاقل أن يتوقّف في مُحاليّتها؛ لأنّها لا تعقل بلا مكان وجهة، وبدون مقابلة ومواجهة، وتأثير القوى الجسمانيّة وتأثّرِها بمشاركة الوضع، وكلّ ذلك من لوازم الجسميّة. والأشاعرة أيضاً متحاشون عنها، ومن أصرّ منهم على الرؤية البصريّة فنحن نتبرّأ منهم.
وما حقّقنا إنّما هو تفسير وتأويل للرؤية والنّظر الواردَيْن في كلام الله تعالى ورسولهِ وأوليائِه، وبذل جهدنا إنّما هو فيه.
ثمّ إنّ بين «قَرُبَ» و«بَعُدَ» تضادّاً، كما أنّ بين «الظنون» و«العيون» إيهام التضادّ([19]).
_______________________________________
([12]) أمّا العقل البسيط المكتحل بنور الله، فهو ليس ابن آدم، كما قيل:
وإنّي وإن كنت ابن آدم صورة
 فلي فيه معنى شاهد بأبوّتي
[تفسير كنز الرقائق1: 76، والبيت لابن الفارض]
والمراد بهذه الأبوّة: الحيطة والكليّة بحسب الوجود على الأبدان البشرية والنواسيت الإنسية. منه.
([13]) فإنّ صورته توهم أنّه محدود في زمان خاصّ، ومكان خاصّ، وواقع في جهة سفلى. وأمّا معناه فعقله البسيط مجرّد عن الجهات والأحياز والأوقات، «فأينُه» الجبروت، و«متاه» الدّهر الأيمن الأعلى وليس مورّخاً بتاريخ مخصوص، بل واحد من كليّاته العقليّة، وجهه محيط برقائقه المثاليّة والطبيعيّة غير وضعيّ وزمانيّ كما شرحنا في موضع آخر. وهو إشراق واحدٌ من هذا النور الإسفهبد، بل العقل البسيط بما هو عارف بالوجود الحقيقي وأحكامه متّصل به، ومتمكّن في هذا العرفان والاتّصال فيما وراء نشأتي الدّنيا والآخرة، وليس في المتى ولا في الدّهر، وقد قال القدماء: «نسبة الثابت إلى الثابت سرمد» [بحار الأنوار 54: 236، وفيه: «ظرفها السرمد»، شرح المقاصد1: 291، وفيه: «هو السرمد»]. منه.
([14]) ق: 22.
([15]) أي القران الناطق، وهو أمير المؤمنين×.
([16]) الكافي 1: 98. التوحيد: 109، وفيهما: «ما كنت  أعبد…».
([17]) التحفة السنية (مخطوط) : 7، شرح أصول الكافي 3: 173.
([18]) خصائص القرآن: 64. مناقب آل أبي طالب 1: 385.
([19]) هذا الإيهام ناشئ من كون الظن منه الباطل، والرؤية بالعين حقٌّ واقع، كما ورد عن أمير المؤمنين× من قوله: «أما إنه ليس بين الحق والباطل إلا أربع أصابع»، وجمع أصابعه الأربعة ووضعها بين اُذنه× وعينه، ثم قال: «الباطل أن تقول: سمعت، والحق أن تقول: رأيت».نهج البلاغة/الكلام:141.

شرح دعاء الصباح 11- القسم الأول

25 مارس 2015
التصنيف: مقالات دينية
عدد التعليقات: ٠

شرح دعاء الصباح 11- القسم الأول

 (11) ﴿وَبَعُدَ عَن مُلاحَظَةِ العُيُونِ﴾

لمّا استفيد من قربه تعالى من «خواطر الظنون» بالبيان المذكور: مشهوديتُهُ لأهل الشهود والخواصّ الّذين هم أهل الله المعبود ـ ولعلّه أوهم الرؤية البصريّة ـ أردفه بهذه الفقرة.
والمراد «بالبُعد»: البُعدُ العقلي بمقتضى البرهان، لا البعد الّذي قد يجامع الأمكان. ففيه ردٌّ على المشبِّهة الّذين يقولون بصحة رؤيته في الجهة والمكان دنيا وعقبى؛ لكونه عندهم جسماً (تعالى عن ذلك علّوا كبيراً)، وعلى الأشاعرة الّذين قالوا بصحّة رؤيته في الآخرة منزَّهاً عن الجهة والمكان.
وقد طال التشاجر بين المعتزلة والأشاعرة في مسألة الرّؤية؛ فذهب المعتزلةُ إلى الامتناع دنيا وآخرةً، والأشاعرةُ إلى الجواز آخرةً؛ فقالوا: إنّه تعالى يُرى، وينكشف لعباده المؤمنين في الآخرة انكشاف البدر المرئي. وحرّر بعض متأخّريهم محلّ النّزاع بأنه لا نزاع للنّافين في جواز الانكشاف التامّ العلمي، ولا للمثبتين في امتناع ارتسام صورة من المرئي في العين، أو اتّصال الشعاع الخارج من العين بالمرئي، وإنَّما محلّ النّزاع أنّا إذا عرفنا الشمس مثلاً بحدّ أو رسم كان نوعاً من المعرفة، ثمّ إذا أبصَرْناها وغمَضْنا العين كان نوعاً آخر من المعرفة فوق الأوّل، ثمّ إذا فتحنا العين حصل نوع آخر من الإدراك فوق الأوّلَيْن نسميّه الرؤية. ولا تتعلّق في الدّنيا إلّا بما هو في جهة ومكان، فمثل هذه الحالة الإدراكيّة، هل تصحّ أن تقع بدون المقابلة والجهة، وأن تتعلّق بالحقّ المتعال منزّهاً عن الجهة والمكان([1]) أم لا؟ والكتب الكلاميّة مشحونة بذكر حجج الفريقَيْن من أراد فليطالعها.
وَالحَقّ أنّ مراد محقّقي الأشاعرة من الرؤية هو شهود الحقّ بالحقّ بعين اليقين، أو حقّ اليقين كما مرّ في بعض وجوه قوله عليه السلام: «يا من دلّ على ذاته بذاته»([2]). وهو مُجْمَعٌ عليه للعرفاء الشامخين، والعقلاء والمتكلّمين، بل جميع إرسال الرّسل، وإنزال الكتب، وإرشاد الكاملين المكمّلين إنّما هو للايصال إلى هذه البُغية العظمى، والغبطة الكبرى، كما قال تعالى: ﴿وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإنسَ إلّا لِيَعبدونِ([3])، وفي القدسي: «خَلقَتُ الخَلقَ لِكَي اُعْرَف»([4]). والفلاسفة قالوا: الفلسفة هي التشبّه بالإله، والتخلّقُ بأخلاق الله علماً وعملاً. وجعلوا أخيرة مراتب العمل أيضاً الشّهود والمعرفة؛ فإنّ العمل تهذيب الظاهر، وتهذيب الباطن، والتحلّي بالفضائل، والفناء. ثمّ فسرّوا الفناء بأن يرى ويشاهد كلِّ قدرة مستغرقةً في قدرة الله تعالى، وكلِّ علم مستهلكاً في علمه تعالى، بل كلّ وجود وكمالِ وجود مستهلكاً في وجوده. فانظر إلى جعلهم غاية العمل هي المعرفة والشّهود؛ ولذا فسّر المفسّرون([5])﴿لِيَعْبُدُونِِ([6]) بقولهم: «ليعرفون»([7]).
وكما أنّ المعرفة الشهوديّة هي الغبطة العظمى، فالحرمان عنها هو الغبن الأفحش، وسمّ ناب الأرقَش([8]) كما أخبر عن سوء عاقبة المحرومين: ﴿كَلّا إنَّهُم عَن رَبِّهِم يَومئذٍ لمحجُوبُون([9]).
وفي دعاء كميل عن عليّ عليه السلام: «فَهبني يا إلهي وَسَيِّدي وَمَولايَ وَرَبّي صَبَرتُ على عَذابِكَ، فَكَيفَ أصبِرُ عَلى فِراقِكَ»([10]).
وفي مناجاة الشيخ عبد الله الأنصاري+: «إلهى چون آتش فراق داشتى با آتش دوزخ چه كار داشتى»([11]).
وقولهم في تحرير محلّ النزاع: «فمثل تلك الحالة الإدراكيّة» ـ إلى آخره، ينادي بذلك؛ فإنّه يكون من باب «خُذْ الغايات ودَعْ المبادئ»، وبذلك فليتصالح الفئتان؛ فإنّ الإنكشاف التامّ العلمي المجوَّز عند المعتزلة يحمل على العلم الحضوري، ولا يقتصر على الحصُولي.
إن قلتَ: إذا كان المراد بالّرؤية هي الشّهود والعلم الإشراقيّ الحضوري، فكيف طَلَبَ موسى عليه السلام الرؤية وهو طلبُ الحاصل له؟ وكيف أُجيبَ بـ﴿لَن تَرَانِي﴾؟
قلتُ: الرؤية والشهود ـ على وجه حاصلٌ لأكثر الأولياء، ولأكثر الأنبياء ـ عادتُه ودَيْدَنُه، وإنّما طلب الّرؤية على وجه اقتضاه مقام الخاتميّة.
__________________________________________
([1]) شرح المقاصد2: 110-111.
([2]) التوحيد: 35. الأمالي (المفيد): 254، تفسير البحر المديد 6: 156، الكشف والبيان 12: 325، وغيرها كثير.
([3]) الذاريات: 56.
([4]) عوالي اللآلي 1: 55. بحار الأنوار 84: 199.
([5]) لأنّ العلّة الغائيّة للإيجاد هي المعرفة، وصيرورة النّفس النّطقيّة القدسيّة مرآةً للحقّ، بحيث تكون المرآة فانية في المرئي كما هو شأن المرآة والعمل إنّما هو تصقيل لها، ومقدّمة للمعرفة. فوجوب المعرفة أصالي، ووجوب العمل توصّلي، ومعلوم أنّ أصعبه وأتعبه يتّفق للحيوان النّاطق الناقص فطرة بحسب القوّة النّظريّة، والحيوان الصّامت. وإذ لا معرفة فلا وزن له عند الله، لكن مزاولة الأعمال الحسنة والأخلاق المرضيّة نعم العونُ على تقوية المعرفة، وتروية أشجارها الطيّبة: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ أي كلمة التوحيد الخاصّ والأخصّ، وعلم الأسماء ﴿وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾، فإنا نرى القاضين أوطار النفس المسوّلة من مدّعي العلم والمعرفة لا ينمو معارفهم، بل يكاد يجفّ أُصول أشجارها، والحق في الجمع. منه.
([6]) الذاريات: 56.
([7]) تفسير السلمي 2: 278.
([8]) الأرقَش: حيّة منقّطة بسواد وبياض.
([9]) المطففين: 15.
([10]) مصباح المتهجّد: 847. المصباح (الكفعمي) : 558.
([11]) شرح الأسماء الحسنى 1: 30 و 2: 23.

سطور من النور بمناسبة شهادة فاطمة الزهراء سلام الله عليها

24 مارس 2015
التصنيف: مقالات دينية
عدد التعليقات: ٠

سطور من النور بمناسبة شهادة فاطمة الزهراء سلام الله عليها
نعزي صاحب العصر والزمان والأمة الإسلامية بشهادة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، تقبل الله أعمالكم…

  1. قالَتْ علیها السلام: یا ابَاالْحَسَنِ، إنَّ رَسُولَ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ عَهِدَ إلَىَّ وَحَدَّثَنى أنّى اَوَّلُ اهْلِهِ لُحُوقا بِهِ وَلا بُدَّ مِنْهُ، فَاصْبِرْ لاِ مْرِاللّهِ تَعالى وَارْضَ بِقَض ائِهِ. (بحارالا نوار: ج 43، ص 200، ح 30.)
  1. قالَتْ علیها السلام: لاتُصَلّى عَلَیَّ اُمَّةٌ نَقَضَتْ عَهْدَاللّهِ وَعَهْدَ ابى رَسُولِ اللّهِ فى امیرالْمُؤمنینَ عَلیّ، وَظَلَمُوا لى حَقىّ، وَاءخَذُوا إرْثى ، وَخَرقُوا صَحیفَتى اللّتى كَتَبها لى ابى بِمُلْكِ فَدَك. (بیت الا حزان: ص 113، كشف الغمّة : ج 2، ص 494)
  1. قالَتْ علیها السلام: اوُصیكَ یا ابَاالْحَسنِ انْ لاتَنْسانى، وَ تَزُورَنى بَعْدَ مَماتى. (زهرة الرّیاض كوكب الدّرى: ج 1، ص 253.)
  1. قالَتْ فاطِمَةُ الزَّهْراء سلام اللّه علیها: نَحْنُ وَسیلَتُهُ فى خَلْقِهِ، وَنَحْنُ خاصَّتُهُ وَمَحَلُّ قُدْسِهِ، وَنَحْنُ حُجَّتُهُ فى غَیْبِهِ، وَنَحْنُ وَرَثَةُ اءنْبیائِهِ. (شرح نهج البلاغه ابن ابى الحدید: ج 16، ص 211.)
  1. قالَتْ علیها السلام: ابَوا هِذِهِ الاْمَّةِ مُحَمَّدٌ وَعَلىُّ، یُقْیمانِ اءَودَّهُمْ، وَیُنْقِذانِ مِنَ الْعَذابِ الدّائِمِ إنْ اطاعُوهُما، وَ یُبیحانِهِمُ النَّعیمَ الدّائم إنْ واقَفُوهُما.(بحارالا نوار: ج 23، ص 259، ح 8.)
  1. قالَتْ علیها السلام: مَنْ اصْعَدَ إلىَ اللّهِ خالِصَ عِبادَتِهِ، اهْبَطَ اللّهُ عَزَّوَجَلَّ لَهُ افْضَلَ مَصْلَحَتِهِ. (بحار: ج 67، ص 249، ح 25)
  1. قالَتْ علیها السلام: إلهى وَسَیِّدى ، اسْئَلُكَ بِالَّذینَ اصْطَفَیْتَهُمْ، وَبِبُكاءِ وَلَدَیَّ فى مُفارِقَتى اَنْ تَغْفِرَ لِعُصاةِ شیعَتى، وَشیعَةِ ذُرّیتَى. (كوكب الدّرىّ: ج 1، ص 254.)
  1. قالَتْ علیها السلام: شیعَتُنا مِنْ خِیارِ اهْلِ الْجَنَّةِ وَكُلُّ مُحِبّینا وَمَوالى اَوْلیائِنا وَمُعادى اعْدائِنا وَالْمُسْلِمُ بِقَلْبِهِ وَلِسانِهِ لَنا. (بحارالا نوار: ج 68، ص 155، س 20، ضمن ح 11.)
  1. قالَتْ علیها السلام: جَعَلَ اللّهُ الاْیمانَ تَطْهیرا لَكُمْ مِنَ الشِّرْكِ، وَالصَّلاةَ تَنْزیها لَكُمْ مِنَ الْكِبْرِ، وَالزَّكاةَ تَزْكِیَةً لِلنَّفْسِ، وَنِماءً فِى الرِّزقِ، وَالصِّیامَ تَثْبیتا لِلاْخْلاصِ، وَالْحَّجَ تَشْییدا لِلدّینِ. (ریاحین الشّریعة : ج 1، ص 312، فاطمة الزّهراء علیها السلام : ص 360،)
  1. قالَتْ علیه السلام: خَیْرٌ لِلِنّساءِ انْ لایَرَیْنَ الرِّجالَ وَلایَراهُنَّ الرِّجالُ. (بحارالا نوار: ج 43، ص 54، ح 48.)

تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام

23 مارس 2015
التصنيف: مقالات دينية
عدد التعليقات: ٠

تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام
من الذكر تسبيح مولاتنا فاطمة الزهرا عليها السلام وهو:
أربع وثلاثون مرة: الله واكبر، وثلاث وثلاثون مرة: الحمد لله، وثلاث وثلاثون مرة: سبحان الله، فهذه مئة تسبيحة تامة.
وقد روى محمد بن مسلم أن أبا جعفر الصادق عليه السلام قال في هذا التسبيح المختصر:. «من سبح تسبيح فاطمة عليها السلام ثم استغفر الله غفر له، وهي مئة باللسان، وألف في ميزان، وتطرد الشيطان، وترض الرحمان».
ثم تكرر الحث عليه في جملة أخبار رواها كثيرون، وروي أبو هارون المكفوف أن أبا عبد الله عليه السلام قال له: «يا ابا هارون، إنا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها السلام كما نأمرهم بالصلاة، فألزمه فإنه لم يلزمه عبد فشقي».
بل ورد أنه «من الذكر الكثير الذي قال الله عز وجل: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ وقوله تعالى: ﴿اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾.
فعن محمد بن مسلم، انه عليه السلام سئل:
ما هو الذكر الكثير؟
قال: من سبح تسبيح فاطمة عليها السلام، فقد ذكر الله الذكر الكثير.
وروي أنه عليه السلام قال: «تسبيح الزهراء فاطمة في دبر المكتوبة من قبل أن يبسط رجليه أوجب الله له الجنة».
وذكر أبوه الباقر ليه السلام أنه «ما عبد الله بشيء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة عليها السلام.
ولو كان شيء أفضل منه لنحله رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام».
مفتاح الخلاص (الصلاة في الميزان، من السنة والقرآن علل تشريعها وخطرها) بقلم:كامل سليمان.

شرح دعاء الصباح 10- القسم الثاني

20 مارس 2015
التصنيف: مقالات دينية
عدد التعليقات: ٠

شرح دعاء الصباح 10- القسم الثاني

(10) ﴿يا مَنْ قَرُبَ مِن خَواطِرِ الظُّنُونِ﴾

ثمّ إنّ قرب الحق تعالى من الخواطر الربّانيّة واضحٌ، فإنّها خطاباته وكلماته مع قلوب أرباب القلوب، وكلام المتكلّم ولا سيّما الكلمات التامّات([1]) المجرّدات مأخوذةً «لا بشرط»، لا يباينه. وأمّا قربه من الخواطر الأخرى ـ سيّما المَلَكيّة([2])ـ فلأنّ وجود تلك الخواطر مضاف إلى الله تعالى بالوجوب؛ فإنّ نسبة الشيء إلى فاعله بالوجوب، وإلى قابله بالإمكان. وأيضاً، نسبة حقيقة الوجود إلى الوجود الصّرف بالحقيقة وإلى الماهيّة بالمجاز. وأيضاً، إليه أوّلاً وبالذّات، وإليها ثانياً وبالعرض؛ ولذا قال أمير المؤمنين عليّ×: «ما رَأيتُ شَيئاً إلّا وَرَأيتُ الله قَبلَهُ»([3]).
وهذا القرب ليس قرب شيء من شيء، وإنّما هو قرب شيء بحقيقة الشيئيّة من فيء من حيث هو فيء.
ثمّ إنّ كون الوجود([4]) بشراً شره، حتّى وجود الشّيطان والشيطاني، ووجود النفس اللّوّامة والأمّارة، والنفساني من الله ـ إذْ إله الكلّ واحد، والقول بالثنويّة، والقول بالأقانيم الثلاثة، والقول بالتخميس من بعض الأقدمين، كلُّها باطلٌ ﴿أأربابٌ مُتَفرِّقُونَ خيرٌ أمِ الله الواحِدُ القَهّار([5]) ـ لا ينافي كون بعض الخواطر من الشّيطان ومن النفس.
وتسميتها «وساوس» و«هواجس»؛ لأنّ ماهيّتها وحُدودها ونقائصها منهما؛ إذ السّنخيّة بين العلّة والمعلول معتبرة؛ فالوجود معلول الوجود، والعدم معلول العدم، والماهيّة معلول الماهيّة، كلازم الماهيّة من حيث هي؛ فالطِيّباتُ لِلطَّيِبينَ وَالخَبيثاتُ لِلخَبيثينَ([6])، والحكم للعنصر الغالب. فلاجتلاب العدم في النظام الكلّي والنظام الجزئي إلى هذه الآثار، واستهلاك الوجود فيها بحيث إنّها تكاد أن تلتحق بالأعدام([7])، أو بالماهيّات المطلقة الغير المعتبر فيها الوجود لا يليق إلّا بالانتساب إلى المبادئ المحدودة السّرابيّة، ولا يستشعر ذلك الغافل المحجوب أو المُشرِك، بالجهة الوجوديّة النورانيّة الّتي من الله فيها حتّى لا يسمّى وسواساً أو هاجساً. والشّرافة والخسّة والتّفاضل بسبب الاستشعار وعدمه؛ فالخير بيديه ولو كان وجوداً مستهلكاً في النّاقصات والسيئات، والشرٌّ ليس إليه ولو كان الحدود والتّعينات([8]) في الكاملات والحسنات. فله الحمد، ومن يجد خيراً في نفسه فليحمد الله، ومن يجد شرّاً فلا يلومّن إلّا نفسه. وفي الدّعاء: «إليه يَرجعُ عَواقِب الثَّناء». وفي الكتاب الإلهيّ: ﴿ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَة فَمِنَ اللهِ وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَة فَمِنْ نَفْسِكَ([9]). وفي الحديث القدسي([10]): «يابنَ آدَمَ، أنَا أولى بِحَسَناتَكَ مِنكَ، وَأنتَ أولى بِسيّئاتِكَ مِنّي»([11]).
وليعمَّم الخير والحسنة حتّى يشملا الجهةَ النّورانيّة والوجه الوجُودي في كلّ شيء؛ فإنّهما من الله، كما قال تعالى:
 ﴿قُل كُلٌّ مِن عِندِ الله([12]). وليعمَّم الشّر والسيّئة حتّى يشملا الجهةَ الظلمانيّة والوجهَ العدميّ وشيئيّةَ الماهيّة؛ فإنّها من النّفس والشيطان.
_________________________________________
([1]) المراد بها الكلمات العقليّة مثل الكليّات العقليّة التي هي كلمات العقل البسيط التي بها تصير النّفس ناطقة بالفعل، بل بوجه كلمات العقل الفعّال. والتّوفيق أنّ العقل البسيط يتّحد بالعقل الفعّال. منه.
([2]) لأنّ الملك كالعقل الفعّال، لسانُ الله، وكلامه بوجه كلام الله. منه.
([3]) شرح اُصول الكافي 3: 83، التفسير الكبير 32: 158. تفسير البيضاوي 5: 542.
([4]) أي لا مؤثّر في الوجود إلاّ الله. والوجود في ايّة ماهيّة كانت هو المجعول بالذّات للجاعل الحق؛ فأين ما يقول أهل الدّين من أنّ هذا فعل الشّيطان أو النفس، ممّا يقول المشركون؟ لأنّهما مخلوقان لله، وهم يقولون بقدم هذه الفواعل ـ أي «النور» و«الظلمة»، أو «يزدان» و«أهرمن» ممّا يقول به الثّنوي؛ أو الأب والابن وروح القدس، ممّا يقول به بعض النّصارى ـ لا ما يقال من اُقنوم الوجود واُقنوم الحياة واُقنوم العلم؛ إذ التكثّر في المفاهيم حينئذٍ، والمصداق واحد؛ أو الباري تعالى والنفس والهيولى والدّهر والخلأ، ممّا يقول به «الحرنانيّون» ويقولون بقدهما. وأرادوا بالدّهر والخلأ: الزمان والمكان. وعند الموحّدين الوجود كلّة من صقع الله، وأمّا الماهية فغير مجعولة بالذّات تركيبياً اتّفاقاً، وبسيطاً على التحقيق. منه.
([5]) يوسف: 39.
([6]) مستفاد من قوله تعالى: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ﴾. النور: 26.
([7]) فإنّ السرقة تجلب فقد المال والتشويش وعدم الطمأنينة، والزّنى اختلاط الأنساب وعدم تربية الأولاد وعدم المحبّة، واللّواط عدم النّسل، إلى غير ذلك. والكلّ جالب عدم الكمالات العالية والخيرات الحقيقيّة للنّفس الناطقة القدسيّة. فهذه الأعدام والعدميّات لابدّ أن تستند إلى مثلها، والنقائص ترجع إلى ماهيّاتها؛ فإنّ الماهيّة جنّة، والهيولى وقايةٌ لحقيقة الوجود عن استناد النّقص والشرّ إليها. وفي إهمال شيئية الماهيّة إبطال كثير من الأحكام الحقّة والحكمة والشريعة. فكما أنّ في هذه الآثار النّاقصة جهة ظلمانيّة وجهة نوارنيّة، فكذلك في مباديها المحدودة جهات نقص وظلمة، فالنقصُ للنّقص والكمال للكمال، والوجود والنّور أينما تحقّقا ـ من حيث إنّهما وجود ونورٌ ـ من الله نور الأنوار، بَهَرَ برهانُه. منه.
([8]) فإنّ التعيّن الذي هو الإمكان في الكامل الذي هو عقل الكلّ، ليس منسوباً إلى الله بالمعلوليّة وإلاّ لزم الإمكان الغيريّ. ولا ماهيّة مجعولة بالذّات؛ لأنّها حيثية عدم الإباء عن الوجود والعدم بخلاف وجوده الّذي هو حيثيّة الإباء عن العدم.
والصّلاة حسنة، لكن ماهيّتها غير مجعولة بالذات، ولا يليق من حيث إنّها أصوات غير قارّة وحركاتمتشابكة بالأعدام والقوى أن يستند إلى الله بالمعلوليّة إلاّ بواسطة مبادٍ هي نفوسنا وقوانا؛ وأمّا سنخالوجود الذي هو خير وفعليّة ونورٌ، فهو بيديه ومنسوب إليهمنه.
([9]) النساء: 79.
([10]) إنّما استعمل فيه صيغة «أولى»: أمّا في الحسنات؛ فلأنّ الوجود وإن كان مجعولاً بالذّات لله، لكن قد يكون بواسطة؛ وأمّا في السّيئات؛ فلأنّ الماهيّة والتعيّن وإن كانتا من الوسائط إلّا أنّهما مجعولتان بالعرض. منه.
([11]) الكافي 1: 157. التوحيد: 338.
([12]) النساء: 78.

الركوع ومعناه الاجمالي_القسم الثاني

18 مارس 2015
التصنيف: مقالات دينية
عدد التعليقات: ٠

الركوع ومعناه الاجمالي_القسم الثاني
أسرار الركوع:
رفع اليد للتكبير: التبرّي عن التواضع لأعداء الله عز وجل.
الركوع: هو ترجمة عملية لتعظيم الله وإظهار الطاعة والعبودية له، وهو إعلان الإنسان عن استعداده لقطع رأسه في سبيل الله، وقد ورد في سرّ الركوع عن الإمام علي عليه السلام أن تأويله: (آمنت بوحدانيتك ولو ضُربت عنقي). والتسبيح في الركوع يكاد أن يكون تنزيها من نقص الشركة في الحول والقوة والإرادة.
ويستحب الاستيفاء بالركوع باستواء الظهر، وأن يمدّ عنقه أثناء الركوع، وعن الإمام الصادق عليه السلام: (أن علياً عليه السلام كان يعتدل في الركوع مستوياً، حتى يقال لو صُبَّ الماء على ظهره لاستمسك، وكان يكره أن يحدر رأسه ومنكبيه في الركوع).
رفع الرأس عن الركوع: ويكون فيه الرجاء بأن يقبل الله عزوجلّ خضوعه وتسبيحه وحمده، ناوياً الارتفاع بالله على أعدائه عز وجل بحوله وقوته بعد التواضع والتذلل له عز وجل.
الذكر بعد القيام: عند قولك (سمع الله لمن حمده) أي: (استجاب الله لمن حمده)، مردفاً ذلك بالحمد والشكر وذلك بقولك: (الحمد لله رب العالمين). ولابد من الإحسان في أداء الركوع، حيث قال الامام الصادق عليه السلام: (في الركوع أدب، وفي السجود قرب، ومن لا يحسن الأدب لا يصلح القرب).ونختم حديثنا في هذا المقام بقول الإمام الصادق عليه السلام: (لا يركع عبد لله تعالى ركوعاً على الحقيقة، إلا زينه الله بنور بهائه، واظله في ظلال كبريائه، وكساه كسوة أصفيائه، والركوع أوّل السجود ثان، فمن أتى بالأول صلح للثاني، وفي الركوع ادبٌ، وفي السجود قربٌ، ومن لا يحسن الأدب لا يصلح للقرب، فأركع ركوع خاضع لله عز وجل بقلبه، متذلل وجل تحت سلطانه، خافض لله بجوارحه، خفض خائف حزين على ما يفوته من فوائد الراكعين…).
قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: «ليكن اكثر همك الصلاة؛ فإنها رأس الإسلام بعد الإقرار بالدين»